لماذا اجذب العلاقات السامة

لماذا اجذب العلاقات السامة؟ 10 أسباب ستصدمك!

في لعبة العواطف المعقدة التي تلعبها العلاقات الإنسانية، تظهر بعض الأشخاص كألغاز مثيرة للاهتمام، تجذبنا نحوهم بقوة، حتى وإن كانوا يحملون داخلهم سمومًا تتسلل ببطء إلى حياتنا.. لماذا اجذب العلاقات السامة؟ لماذا أشعر بالانجذاب نحو الشخص السام؟ لماذا أجد نفسي مغروم بمن يجلب لي الألم والتوتر؟ هل هو اختيار مصيري محتوم؟ أم نمط يتكرر بدون وعي؟

من خلال تحليل عميق لهذه الظاهرة الغامضة، ندخل في عالم العقل الباطن، لنبحر سويًا في مياه اللاوعي، نستكشف أسرارًا مخبأة، ونحاول فك شفرة الجاذبية نحو اسباب جذب العلاقات السامة. فما هي العوامل التي ترسخ هذه الروابط الضارة في عقولنا وقلوبنا؟

اقرا المزيد عن: العلاقات السامة: ما هي؟ علاماتها؟ وكيفية التعامل معها؟

لماذا اجذب العلاقات السامة؟

جذب العلاقات السامة

قد يكون جذب العلاقات السامة مشكلة معقدة بسبب العديد من العوامل الاجتماعية والنفسية والعاطفية الكامنة وراءها. فيما يلي بعض اسباب جذب العلاقات السامة الشائعة التي قد تجعل الأفراد يجدون أنفسهم منجذبين دائمًا إلى العلاقات السامة باستمرار وتجعل من الصعب عليهم أخذ قرار الخروج من العلاقة السامة:

1- انخفاض احترام الذات

غالبًا ما يعتقد الأشخاص الذين يعانون من قيمة ذاتية منخفضة وشعور بعدم الاستحقاق أنهم لا يستحقون الحب أو العلاقات الصحية الداعمة مما يجعلهم يسعون دون قصد وينجذبون دون وعي إلى الدخول في علاقات سامة تعمل على تقويض احترام الذات لهم من خلال النقد والتلاعب، وتؤكد معتقداتهم السلبية عن أنفسهم، وقبول السلوك السلبي المسيء من الأشخاص السامة والتسامح معه.

2- صدمات الطفولة

غالبًا ما يشكل الأشخاص روابط عاطفية قوية مع شركاء سامين، متأثرين بأنماط الارتباط في مرحلة الطفولة.إذا نشأت في بيئة عائلية تتسم بالصراع والصدمات أو السلوكيات الغير صحية (مثل: الإهمال أو الإساءة)؛ فقد تسعى دون وعي إلى علاقات تحاكي تجارب الطفولة كـ”وسيلة لحل جروح الماضي الغير محلولة”، وتكرار الأنماط المماثلة من السلوكيات الغير صحية التي تعلمتها في مرحلة الطفولة حتى لو كانت ضارة مما يجعل الديناميكيات السامة أمر طبيعي لديك.

3- الاعتماد العاطفي

الاعتماد العاطفي

الاعتماد المفرط على الآخرين للحصول على الدعم العاطفي أو الشعور بقيمة الذات يمكن أن يؤدي إلى جذب أشخاص متلاعبين أو مسيطرين، ويعمي بصرك عن العلامات الحمراء للعلاقة السامة والاستمرار بها على أمل الشعور بالتقدير أو الحب، مما يجعلك تتغاضى عن السلوكيات المؤذية وسوء المعاملة للحصول على لحظات عابرة من القبول.

4- التجارب والصدمات الغير معالجة

يمكن أن تؤثر التجارب والصدمات السابقة التي لم يتم التعافي منها ومعالجتها بشكل صحيح على اختيارات العلاقات المستقبلية. حيث يعد البحث عن القرب والألفة حتى لو كانت داخل علاقات سامة غير صحية أمرًا شائعًا لأولئك الذين لديهم صدمة غير معالجة.

اقرأ أيضًا: الضغط النفسي: العدو الخفي في حياتنا اليومية

5- عدم تحديد الحدود الشخصية

الحدود الشخصية

من أهم اسباب جذب العلاقات السامة إلى دائرة علاقاتك بشكلٍ عام، هو عدم وجود حدود صحية واضحة لديك، أو عدم الحفاظ عليها والتساهل وعدم أخذ رد الفعل المناسب مع من يتخطي تلك الحدود، مما يجعل من السهل على الأشخاص السامة دخول حياتك والتلاعب بمشاعرك، فتصبح فريسة سهلة لكل مستغل ومتلاعب.

6- قلة الوعي الذاتي

إن الافتقار إلى الوعي الذاتي وعدم فهم مشاعرك واحتياجاتك قد يجعل من الصعب عليك التعرف على العلامات الحمراء في العلاقات التي تشير إلى وجود السلوك السام لدى الآخرين، مما يساهم بشكل كبير في جذبك للأشخاص المؤذية أو البقاء في علاقة ليس لها مستقبل.

يتضمن الوعي الذاتي فهم أفكارك وعواطفك وقيمك وسلوكياتك، بالإضافة إلى التعرف على كيفية تأثيرها على الآخرين وكيف يؤثر الآخرون عليك. عندما يكون وعيك الذاتي منخفضًا؛ تجد صعوبة أكبر في تحديد السلوكيات السامة (مثل: التلاعب، السيطرة، الإساءة العاطفية)، وقد تخطئ في فهم هذه الأفعال معتقدًا أنها رعاية واهتمام، أو حب وغيرة، مما يجعلك أكثر عرضة للوقوع في فخ الإساءة.

7- الخوف من الوحدة

الخوف من الوحدة

يمكن أن يؤدي الخوف من الوحدة أو من عدم العثور على شخص أفضل إلى دخولك علاقات سامة غير صحية. أيضًا إذا كنت داخل علاقة سامة بالفعل فإن الخوف من فقدان الذكريات المشتركة أو البقاء بمفردك يجعلك أكثر تمسكًا بالبقاء داخل العلاقة سامة بدلًا من تركها والخروج منها، وتحمل السلوكيات السامة بها، وإقناع نفسك بأنها أفضل من أن تكون وحيدًا أو عازبًا. كل ذلك يجعل من الصعب التخلي عن العلاقة السامة، ويدفعك إلى البقاء داخلها من خلال إعطاء الأولوية للرفقة على رفاهيتك وسلامك النفسي.

8. عقدة المنقذ و فخ التوقعات الغير واقعية

عقدة المنقذ

التمسك بالتوقعات غير الواقعية حول العلاقات، ومحاولة تغيير الشركاء ليناسبوا قالب معين، والمعتقدات الرومانسية المضللة كالاعتقاد بأن “الحب وحده يكفي لإصلاح كل شيء”، أو أنك تستطيع تغيير السلوك السلبي لشخصٍ ما عن طريق اعطاؤه الكثير من الحب والحنان، و انتظار وقوع حدثٍ ما يغير الشخص السيء 180 درجة ليتحول بعدها إلى حمامة سلام. كل ذلك ما هو إلا أفكار ومعتقدات غير واقعية روجتها وساعدت على انتشارها المسلسلات الدرامية والأفلام الرومانسية.

إن المعتقدات والأفكار الغير واقعية والرغبة الشديدة في “إصلاح أو إنقاذ” الشريك المؤذي رغم إنكاره وعدم استبصاره بوجود مشكلة من الأساس، أو اعتقاده التام بأن من يجب عليه التغيير وتحمل مسئولية الاستمرار بالعلاقة هو “أنت فقط”، هذا ما يجعلك مستمرًا وعالقًا داخل العلاقة السامة لمدة طويلة على أمل التغيير. تؤدي هذه الديناميكية إلى شعورك المستمر بالإحباط والإرهاق العاطفي.

10. الحاجة إلى القبول

الحاجة إلى القبول والانتماء هما من الاحتياجات النفسية الأساسية لدى البشر. عندما يشعر الأشخاص بالقبول، فإنهم يختبرون التحقق العاطفي والشعور بالأمان. ولكن، عندما تكون الحاجة إلى القبول غير مشبعة بسبب تجارب الطفولة أو الرفض الاجتماعي أو غيرها من الظروف الحياتية يمكن أن يؤدي ذلك إلى خوف عميق من الرفض.

قد يؤدي الخوف من الرفض والبحث عن موافقة أو قبول الآخرين إلى جذب الأشخاص الذين لا يعاملونك جيدًا، حيث قد تعطي الأولوية لاحتياجاتهم على احتياجاتك خوفًا من فقدانهم، أو لتجنب الشعور بالذنب عند رفضهم أو الابتعاد عنهم مما يدفعك إلى البقاء في علاقة سامة حتى وإن كانت تؤذيك.

في حين أن العلاقات الصحية توفر الدعم العاطفي والشعور بالانتماء، فإن الحاجة الشديدة أو غير المشبعة للقبول قد تجعل الأفراد أكثر عرضة للدخول في علاقات سامة، لتجاهلهم العلامات التحذيرية لهذه العلاقات. غالبًا ما يستغل الشركاء السامون هذه الهشاشة من خلال استخدام أساليب التلاعب لإنشاء دورة من الاعتماد العاطفي.

الخلاصة

إن فهم الأسباب التي تجذبنا إلى العلاقات السامة هو مفتاح التحرر منها. تتطلب هذه الرحلة مزيجًا من الوعي الذاتي، وبناء احترام الذات، ووضع حدود قوية، مع العمل على معالجة الجروح العاطفية السابقة. عندما تعزز الاستقلال العاطفي وتحيط نفسك بشبكة دعم قوية، تصبح قادرًا على اتخاذ خيارات أكثر وعيًا وصحة في العلاقات.

تذكر: أن كسر دورة السمية ليس مجرد نهاية لمرحلة، بل بداية لفرصة جديدة لبناء حياة قائمة على الحب الحقيقي والاحترام المتبادل. تذكر دائمًا أن التغيير يبدأ بخطوة واحدة، والخطوة الأولى هي اختيار نفسك وقيمتك في مقدمة أولوياتك.

المراجع

Why Do I Keep Attracting Toxic Partners?

Why Am I Attracted to Toxic Relationships?

“Why Do I Always Attract Toxic Partners?” 

“The Good Reasons We Get Involved in Bad Relationships

 

عن هاله العناني

أخصائية نفسية_ حاصلة على دبلوم الإرشاد النفسي_ كاتبة في مجال علم النفس والصحة النفسية_ مؤسسة موقع "النفسية"

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *